إقتصاد

لمن له ظل.. متى نتوقف عن فزاعة الشيعة والسُنَّة؟!

استمع

download (18)

أشرف أبو عريف

من المؤكد أن مرتزقة العصر الزاعمين أنه ينتمون للمذهب كذا ضد المذهب كذا والعكس.. يستغلون محاولات التقارب بين مصر والجمهورية الاسلامية الايرانية فزاعة لتحقيق أطماع مادية وأخرى سياسية عن طريق كهنة العصر تارة أو ذوى الأدمغة الفارغة تارة أخرى.

هؤلاء شرذمة الأمة لا يضعون فى اعتبارهم مصلحة العالم الاسلامى والتحديات الجمة التى باتت تهدد زوال أركان الدين! ويبدو أنهم لم يدركوا أن الخلاف فى الرأى فى محيط المذهب الواحد سواء سُنَّة أو شيعة! ويبدو أنهم قد أًصيبوا بالطرش وعمى البصيرة ولم يدروا أن وحدة الأمة الاسلامية المنقذ لأبناءها خاصة الثكالى! ويبدو أنهم لم يعلموا أن التمثيل الدبلوماسى الايرانى يعمل بكامل مكوناته فى كلٍ من المملكة العربية السعودية وكذلك دولة الامارات العربية المتحدة إيمانا بوحدة شاطئى الخليج مغلفة بغلاف دين الوحدة والحبل المتين!

فبمجرد أن وجه رئيس مجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية دعوة الى شيخ الازهر لزيارة ايران، وزيارة حجة الاسلام مبلغي الى الازهر حسبما تناولت ذلك صحيفة “الوفاق”، سرعان ما انتشرت اخبار في العالم العربي بمانشيتات متوترة، من قبيل: “الازهر لايران: اوقفوا الاساءة للصحابة” و”الازهر يطالب مراجع الشيعة في ايران والعراق باصدار فتوى تحرم سب الصحابة”.

وقد تلقفت التيارات السلفية في مصر بما فيها “ائتلاف الدفاع عن الصحابة والآل”، حيث اشار الى موضوع التقية وادعى ان التشيع قائم على الاساءة للصحابة وانهم لن يصدروا اي فتوى بهذا الشأن.

واعلن ربيع علي شلبي منسق “جماعة الاحرار الاسلامية” السلفية ايضا، انه واجب على كل مسلم ان يعاضد الشيخ الازهر في محاربته للهلال الشيعي، وادعى ان الفكر الشيعي تغلغل في العراق واليمن وسوريا ولبنان، وقد اصاب هذه البلدان بالصراعات والدمار.

ومن الشخصيات السلفية الاخرى التي ادلت بدلوها في هذا المجال، ناصر رضوان، مؤسس ائتلاف “احفاد الصحابة وآل البيت” الذي ادعى، ان الشيعة ينشرون فتوى آية الله الخامنئي التي منع فيها الاساءة للصحابة، الا ان هناك عشرات الفتاوى من آيات الله؛ الخامنئي والشيرازي ولنكراني وبهجت باللغة الفارسية تؤيد الاساءة للصحابة وتوصي بالاحتفال بالذكرى السنوية لقتل الخليفة الثاني!، مضيفا: لابد من الوقوف الى جانب الازهر في محاربة الشيعة!

وقد هذه الموجة الى ان يقول عباس شومان، نائب شيخ الازهر تماشيا ما السلفييين، ان التهجم على الازهر هي بسبب مواجهته للاخوان المسلمين ومحاربته للتشيع!

لكن، لما كل هذه التصريحات وهذه الاثارات؛ فهل قامت وسائل الاعلام المصرية بتغطية مطالب شيخ الازهر وتصريحاته في لقائه مع راعي المصالح الايرانية بشكل صحيح؟ وما الذي يثير مخاوفهم؟!

ان نظرة على وسائل الاعلام المصرية المنصفة يشير الى انه رغم علم شيخ الازهر بفتوى مراجع التقليد العظام للشيعة كآية الله الخامنئي وآية الله السيستاني لكنه طالب بإصدار فتاوى ضد الاساءة للصحابة، لكنه اشار ايضا الى نقاط اخرى في حديثه.

وفى السابع عشر من أكتوبر 2010، جاء بوكالة انباء التقريب (تنا) : بعد الفتوى التي اصدرها قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد الخامنئي , والذي اكد فيها تحريم اساءة الصحابة وزوجات الرسول (ص) ظهرت هناك اراء متباينه حول هذه الفتوى . فالبعض ايد هذه الفتوى معتبرها جاءت في الوقت المناسب وسوف تسهم في سد الفجوة بين الطائفتين وتعزز التقارب بينهم وتزيل الاحقاد والخلافات . ومنهم راح يشكك في الهدف من هذه الفتوى معتبرينها دعاية لتهدئة الرأي العام .

فصحيفة المدينة السعودية استشرفت اراء بعض العلماء والمفكرين حول هذا الموضوع نذكر هنا ملخص بعض هذه الاراء . يقول الكاتب والناشط السياسي نجيب الخنيزي ان الاساءة الى زوجات النبي مرفوضة وان الامام علي رضي الله عنه كان يكرم السيدة عائشة ويجلها وقد أرسلها معزّزة مكرّمة إلى المدينة لأنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم. 

ويستذكر الخنيزي إزاء تلك الأحداث ما قاله جمال الدين الأفغاني الذي لم يميز في نظريته للإسلام ما بين المذاهب حيث كان يقول: “إن إثارة قضية الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أمر يضر المسلمين في الوقت الحاضر ولا ينفعهم. ويتساءل عن ذلك قائلًا: لو أن أهل السُنَّة وافقوا الشيعة الآن على أحقية علي بالخلافة فهل يستفيد الشيعة من ذلك شيئًا؟ ولو أن الشيعة وافقوا أهل السنة على أحقية أبي بكر فهل ينتفع أهل السنة؟”. 

ويؤكد الخنيزي أنّه من الأجدى على كلا الطرفين الترفع عن كل ما يمكن أن يخلق بينهم حالة من الاحتقان في ظل هذه التغيرات الإقليمية، لأن الأمة أحوج ما تكون إلى الوحدة والحث عن المشتركات الجامعة والقضايا التوافقية.
ويعتقد الخنيزي أنّ فتوى السيد الخامنئي تعدّ بمثابة انعكاس للناحية الدينية والسياسية لأنّه يمثل أعلى سلطة دينية وسياسية لدى الشيعة . واكد ان الاعلام قد ضخم من تصريحات ياسر الحبيب لاحداث صراع سياسي وافتعال فتنة بين الطرفين , فهناك من لايريد للمجتمع الاسلامي التماسك من الداخل كاسرائيل واطراف دولية .

* رفض الإساءة!

من جانب آخر يثمّن الشيخ محمد الصفار المفكر الإسلامي دور الصحافة السعودية المحلية في إبرازها لردود الفعل الشيعي المستنكرة والرافضة للتعدي على زوج الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم التي بادر الوسط الشيعي – سواء من داخل المملكة أو خارجها – من علماء ورموز دينية وثقافية لإدانتها، ويقول: هذا التصرف الحميد من الصحافة ساهم في توضيح موقف الرأي العام الشيعي من زوجات الرسول دون استثناء، كما ساهم في تخفيف الاحتقان بين عامة الناس لما رأوه من رفض شيعي لتلك التفاهات التي مست الرسول الأكرم، وأؤكد أنّ كل الأديان والمذاهب والتوجهات الدينية والفكرية يوجد فيها العاقل والأحمق، ولا يمكن لأحد أن يستثني دينه أو مذهبه من وجود الحمقى. 

وأضاف الصفار: ما تفضل به السيد الخامنئي لا شك أنه من صميم المذهب الشيعي، فهو في موقع الفقيه المؤتمن على حفظ المذهب ورعايته وسلامته، وهذا الموقع لا يسمح له بالمجاملة والمحاباة وتقديم السياسي على الديني، لأن ذلك قد يؤدي لانحرافات خطيرة بين أبناء وأتباع المذهب الشيعي، وهذا ما لا يحتمل السيد خامنئي ولا غيره تحمل وزره.

وحول مدى قبول هذه التصريحات من قبل السنة يرى الصفار أنّ أغلب السنة وكل عقلائهم سينظرون إلى فتوى السيد الخامنئي بايجابية كبيرة، وسيفرقون بين عالم كبير كالسيد الخامنئي والشيرازي الذي صرح يوم الأحد السابق قائلًا: “إننا لا نرتضي توجيه الإساءة إلى زوجات النبي، فهذه الإساءة موجهة للنبي الأكرم نفسه”، إضافة إلى غيرهما من علماء الشيعة وحفظة المذهب الذين بينوا مثل هذا الأمر، كما أنّهم لن يرجحوا آراء مغمورين ومجهولين على منطق أعلام مشهورين ومعروفين، ولن يؤاخذوا أمة بجريرة تصرف مسيء يصدر من هذا وذاك، كما أن الشيعة غضوا الطرف سابقًا عن بعض التوجهات المتطرفة من السنة والذين تعجبهم المعارك الطاحنة، ويرون أنفسهم وحضورهم من خلالها، ويسعون لتصفية حساباتهم مع دعاة التعايش (من السنة والشيعة)، وتوسيع الفجوة بين الطرفين.

وبدوره يرى الأستاذ بقسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور محمد موسى الشريف أنّه بما ان هذه الفتوى صدرت من اعلى مرجعية شيعية , وكذلك باقي التصريحات التي صدرت من عقلاء الشيعة لتهدئة الاجواء  ولكن المطلوب ان تترجم هذه التصريحات الى افعال .

* رفض شيعي!

وفي الطرف المقابل يرى الباحث المتخصص في الشؤون الإسلامية ومدير مركز رؤية للدراسات السياسية مروان شحادة أنه وعلى ما يبدو فإن الفتاوى التي تصدر عن المرجعيات الشيعية الدينية تتفق جميعًا على حرمة سب الصحابة، وحرمة الطعن في السيدة عائشة رضي الله عنها وعن جميع أمهات المؤمنين، ويقول: واضح جليًا أن الإساءات التي تبرز في الوسط الشيعي تصدر عن شخصيات هامشية، لا يعدو أن نطلق عليهم خطباء دروس في المساجد، تعكس مدى التخلف والحقد الدفين لدى فئة منحرفة الاعتقاد والغلو في الأفكار والممارسات الخاطئة التي تخرج من الملة في كثير من الأحيان. 

ويستعرض شحادة العديد من الفتاوى والآراء المتعلقة بمسألة سب الصحابة والطعن في السيدة عائشة لدى بعض المرجعيات الشيعية المعروفة والتي تحظى بتأييد شعبي في الأوساط الشيعية بالعديد من البلدان، مؤكدًا أنّ الفتوى التي صدرت من السيد الخامنئي تحرّم الإساءة لأي من صحابة رسول الله وبخاصة لزوجاته، ومن بينهن السيدة عائشة رضي الله عنها. ويقول: هذه الفتوى التي أكدت فتوى سابقة للإمام الخميني حول تحريم الإساءة للصحابة تأتي في سياق عدد من فتاوى واضحة لمراجع الشيعة، حول هذه القضية. 

ويستشهد شحادة بفتوى أخرى في نفس السياق من أبرزها وأهمها فتوى المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله بتحريم الإساءة إلى صحابة رسول الله ولزوجاته رضي الله عنهن جميعًا، وهي الفتوى التي أكدها مؤخرًا ردًا على واقعة الإساءة للسيدة عائشة رضي الله عنها، ويقول: لم يتوقف فضل الله عند حدود استنكار الإساءة التي وُجهت للسيدة عائشة، بل ذهب إلى ما هو أبعد عندما دعا إلى قطع الطريق على الفتنة المذهبية ودعا وطالب المرجعيات الإسلامية والشيعية، التي تسعى لتأكيد الوحدة الإسلامية بين المسلمين، أن يتحرّكوا في إطار حمل المسؤولية، لقطع الطريق على أي حديث أو محاولةٍ لإثارة الفتن، وألا يكتفوا بالحديث. 

ويختم شحادة حديثه بالثناء على موقف علماء الشيعة في السعودية وعلى رأسهم حسن الصفار، وكذلك موقف علماء ومراجع الشيعة حول أنحاء العالم من قضية الإساءة للسيدة عائشة، ولسائر الصحابة، منوهًا على أنّهم تصدوا جميعًا لمحاولة إثارة الفتنة بين المسلمين من خلال الإساءة للسيدة عائشة أم المؤمنين عليها السلام.

* السيف: “الحبيب” شخصية تافهة وبذيئة وسبق له تكفير مراجع الشيعة!

يؤكد الدكتور توفيق السيف المفكر الإسلامي إنّ التي اصدرها السيد الخامنئي تؤكد وجود تيارات مختلفة داخل أتباع المذهب الشيعي، ويقول: هذه التصريحات تعكس اتجاهين شيعيين مختلفين؛ اتجاه تقوده أقلية تميل إلى التشدد وتكفير الآخرين، وفي داخل هذه الأقلية هنالك أشخاص لديهم ميول تكفيرية وطموحات يعملون من خلالها على الاتجار بالدين ولديهم ميلٌ شديدٌ للصراع مع الآخرين.
أما الاتجاه الثاني وهم الغالبية والذين يرفضون المساس بمقدسات ورموز المسلمين، فهم أكثرية وهذا البيان لم يأت منفردًا، فقد سبق لمرجعيات شيعية أخرى أن أصدرت بيانات مماثلة تندد بهذه الأفعال مثل البيان الذي أصدره آية الله الشيرازي، وآية الله السيستاني، فالمراجع الشيعية بشكل عام ضد المساس بمقدسات المسلمين ورموزهم، ويرفضون هذه الأفعال رفضًا قاطعًا. 

ويشير السيف إلى أنّ فتوى السيد الخامنئي تأخذ سبغة دينية وليس سياسية، ويقول: لو كانت سياسية لصدرت عن رجل سياسي وليس عن مرجعية دينية. أما ياسر الحبيب فهو شخصية تافهة وصغير السن ولم يدرس في أي حوزة علمية،  وسبق له تكفير مرجعيات شيعية مثل آية الله فضل الله، وآية الله صانعي، وكذلك حسن الصفار برأيه كافر أيضًا.
ويرى السيف أنّ تصريحات الحبيب جرى العمل على تضخيمها على الرغم من أنّ الرجل لا يستحق ذلك، وقال: هناك جهات سياسية سعت لاستغلال تصريحاته وتضخيمها في الكويت، حيث يوجد صراع سياسي كبير ليس له علاقة بالدين ويتمثَّل في مجلس الأمة، فأحد هذه الأطراف عملت على تبني الموضوع كعنصر صراع في مجلس الأمة.

فقد اشار شيخ الازهر خلال لقائه مع محموديان، الى مساعي الغرب لإثارة الصراعات الطائفية والمذهبية بين المسلمين، واكد على ضرورة الحوار بين الشيعة والسنة.

كما طالب الطيب بوحدة الكلمة بين الامة الاسلامية ووصفها بأنها تبعث على الامن، واكد ان الازهر اذا رأى نية خالصة فإنه مستعد لاستضافة علماء الشيعة والسنة.

والنقطة الهامة هي بدء مسيرة جديدة من التعاون بين الشيعة والسنة وبين قم والازهر ومصر وايران، ويمكن اعتبار مشاركة حجة الاسلام مبلغي مندوب ايران في مؤتمر ضد الارهاب والتطرف باستضافه الازهر، بادئة لهذه المسيرة الجديدة. إذ نتذكر انه على اعتاب المؤتمر ضد الارهاب والتطرف الذي استضافه الأزهر فى الثالث والرابع من الشهر المنصرم، وبث اخبار بمشاركة مندوبين من العراق وايران ومن الشخصيات الشيعية، قامت الجماعات السلفية والوهابية في مصر بقرع طبول الاختلاف الى حد اضطر الازهر الى الانسحاب التكتيكي، الا اننا بالتالي شهدنا مشاركة شخصيات من امثال حجة الاسلام مبلغي والسيد علي فضل الله.

والآن فقد اكتسب هذا التقارب منحى جديدا، إذ يمكن إدراك مخاوف التيارات السلفية والوهابية بعد توجيه رئيس مجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية، آية الله اراكي، الدعوة الى شيخ الازهر للمشاركة في مؤتمر الوحدة الاسلامية في العام الجاري.

ويتساءل “الدبلوماسى”: إلى متى تُحرِّمون عودة العلاقات مع ايران وتُحللِّون العلاقات القائمة بالفعل مع الصهاينة.. بنى القردة والخنازير؟! ومتى نتوقف عن فزاعة الشيعة والسُنَّة؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى